فقد والده وزوجته وابنه، وأصيب هو وابنه وشقيقه، هو “طارق حامد أبو عيطة” أحد الناجين من مجازر الإحتلال الإسرائيلى فى قطاع غزة، بعد قصف منزله فى “جباليا” شمال القطاع، وتعرضه لنيران الإحتلال وهو بسيارة إسعاف قبل أيام.
“طارق” لملم جراح إصابته، وحمل ابنه “فارس” الذى لم يتجاوز الرابعة عشر من عمره إلى مصر، التى وصل إليها قبل 4 أيام، وتلقفته ملائكة الرحمة بمستشفى العريش العام، وعلى الفور تم إجراء عمليات لإنقاذ حياته نتيجة تهشم الجمجمة.
يقضي والد “فارس” يومه فى خيمة الخدمة المخصصة لمرافقى المصابين الفلسطينيين بمستشفى العريش العام بشمال سيناء، حيث تقدم فيها الرعاية والخدمة، بينما نجله فى غرفة العناية المركزة بالطابق الثانى بالمستشفى، ويسمح له بين الحين والآخر بمشاهدته والتحدث مع الطبيب المعالج له للاطمئنان على حالته التى بدأت فى التحسن نسبيا.
وصف “طارق حامد ابوعيطة” مشاهد تدمير الإحتلال الإسرائيلى منزله فى قصف استهدفه يوم 14 اكتوبر الماضى، وقال ” صاروخ استهدف المنزل وهوى على من فيه، واستشهد والدى المسن “حامد”، وزوجتى وابنى، بينما أصيب ابنى الثانى وشقيقي وأنا”.
وأضاف أنه كان فى هذا التوقيت على باب منزله، وفاق من غيبوبته بالمستشفى الأندونيسي بغزة وكانت إصابته بجروح وكدمات بالوجه والرأس، وبجواره ابنه وقد تهشم رأسة، وشقيقه مصابا بجروح وكسور وعلم باستشهاد والده وابنه وزوجته وانتشالهم من تحت الركام.
وتابع أنه مكث فى المستشفى الاندونيسي اسبوع، وبعد ان اصبح متماسك نسبيا حمل ابنه واتجه به لمستشفى الشفاء بعد ان ثبت إصابته بكسر بالجمجة واليد اليسرى، وفيها مكث 12 يوما حتى تم تحويله على مصر فى 2 نوفمبر الجارى.
وأكد “طارق”، أن أصعب مشهد شاهده بعينه لجرائم الإبادة فى غزة هو قصف منزله ضمن مربع سكنى فيه نحو 7 بيوت اصبحت ركام فى وقت واحد، وخلفت اعداد كبيرة جدا من الشهداء والمصابين، ومشهد مستشفيات غزة التى يصل إليها كل لحظة اعداد كبيرة من الشهداء واعداد اكبر من النازحين بحثا عن الأمان بعد قصف بيوتهم، والنقص الشديد فى الإمكانيات الطبية داخل المستشفيات، وسبل المعيشة حيث لا طعام ولا ماء ولا خدمات كهرباء واتصالات.
وأضاف أنه عاش أخر مشاهد الرعب قبل مغادرته غزة، وهو ينقل طفله المصاب فى سيارة إسعاف فى طريقه لمعبر رفح قادما من مدينة غزة ليصل للجانب المصرى، عندما أطلق الاحتلال عليهم النيران وتطايرت من حولهم شظايا اصابتهم واصابة المسعفين، إلا انه نجا من الموت للمرة الثانية، ووصل بابنه إلى مصر بعد ان استودع اثنين من ابنائه الباقين أحياء عند أحد اصدقائه فى رفح فى وضع غير آمن.
وقال إن شهادته التى يقولها بصدق ومحبة يستهلها بتوجيه الشكر للدولة والقيادة والشعب المصرى، موضحا انه فور وصوله بإبنه المصاب لمعبر رفح، تم نقله فى سيارة اسعاف مجهزة بكل امكانيات العناية المركزة، ورافقه طبيب من المعبر وصولا لمستشفى العريش العام، وخلال الرحلة كان يتابع حالته الصحية، وفور وصوله للمستشفى تم ادخاله العناية المركزة واجراء كشف على مكان الاصابة والتعامل معها بكل حرفية، فضلا عن العناية فوق الممتازة التى تتم للحالة.
وأشار إلى أنه بدوره التفت لإصابته وتم فى مستشفى العريش العام الكشف عليه، وتبين ان هناك اصابة بعينه وفكه وتحديد المناسب من العلاج له، إلى جانب الخدمات بلا توقف له ولكل المرافقين من الجرحى فى خيمة خدمة المواطنين وتوفير استراحة لهم للمبيت فيها، ولسان حل الجميع مسؤولين وأهالي يقول لهم “بس اطلب ايش ناقص احنا جاهزين”.
ولفت إلى أنه يواصل رحلته العلاجية فى مصر، وقلبه مفطور على وضع غزة يلاحق أخبارها على هاتفه وهو آخر متعلقاته الشخصية التى بقيت من حطام منزله، يحاول ان يصل لصديقه الذى اودع عنده طفليه، لكن يصعب ذلك نظرا لانقطاع الاتصالات، يحاول ان يصل لبقية العائلة والاصدقاء والمعارف دون جدوى، فقط يتابع الاخبار لعله لا يأتيه خبر حزين، وان كان يعلم ان ما يتاح نقله من أخبار من غزة هو قليل ومحدود، والواقع يفوق بكثير ما يشاهد على الشاشات وينقل عبر منصات التواصل الاجتماعى.