بدأت صناعة السينما المصرية في تزامن مع بدايتها العالمية، أي منذ ما يقرب من 125 عام، وكانت تلك الصناعة الوليدة آنذاك تعتبر من أقوى مصادر الدخل القومي، ومع ذلك لم تلتفت أي جهة لضرورة الحفاظ على ما أنتجته السينما المصرية من أفلام تصل إلى ما يزيد عن عشرة آلاف فيلم روائي!! مثلما تفعل الدول التي تحرص على تراثها الفني وتعتبره ثروة قومية وثقافية ملك للأجيال الحالية والقادمة.
بعد قيام ثورة 1952 بدأت الجاليات الأجنبية التي عاشت في مصر لأجيال متعاقبة تفكر للمرة الأولى في الرحيل عنها، وكان كثير من أفراد الجاليات “يونان، أرمن، إيطاليين وغيرهم ” يعمل أفرادها في مهن مختلفة في صناعة السينما “إنتاج – إخراج – تصوير – مونتاج – صوت” بل قامت على أكتافهم تلك الصناعة الرائدة وأنتجوا عشرات الأفلام المهمة التي كانت تشكل سحر البدايات، ولكنهم عندما فكروا في الرحيل عن مصر أخذوا معهم علب أفلام تعبرعن مراحل تطور السينما المصرية بما تضمه من نجوم وخبرات وموضوعات شديدة الأهمية وهى قطع من التراث فرطنا فيها بمنتهى البساطة.
النسخ الأصلية الأولى لعشرات الأفلام المصرية اختفت نهائيًا، وبعضها تبدد أو تعرض للتلف نتيجة إهمال التخزين والجهل بقيمته، شركات إنتاج أفلست وتوقف إنتاجها أو هاجر أصحابها ولا أحد يعرف مصير الأفلام التي أنتجوها حيث تفقرت دماءها بين الورثة، باختصار نحن نواجه ضياع جزء كبير من تاريخ السينما المصرية وهو أمر جلل لم يدركه إلا القليل من المهتمين والمعنيين بالأمر.
ولذلك فالجهد الذي بذله الباحث والناقد جمال عبد القادر يستحق الاحترام والتقدير، فقد عكف طوال ثلاث سنوات على جمع معلومات عن الأفلام المفقودة، ومع غياب أي داتا عن تلك الأفلام تصبح المهمة شبه مستحيلة، فبالإضافة للأفلام المختفية هناك نسبة لا بأس بها من الأفلام المجهولة التي سقطت من حساب واهتمام من يعملون في صناعة السينما، ولكن كان لابد من رصدها والإعلان عن وجودها.
رصد الأستاذ جمال عبد القادر عددًا يزيد عن الخمسمائة فيلم وهو جهد لابد وأن نثمنه وهو نواه للكشف عن مزيد من الكنوز الضائعة أو المجهولة في تاريخ السينما المصرية، وأرجو أن ينال هذا الكتاب الوثيقة الاهتمام الذي يستحقه.
اقرأ أيضاً:
ضبط مصنع لتحضير القهوة من بودرة السيراميك
عقوبات صارمة.. نتائج التحقيق في وقائع الغش بإحدى مدارس «مطروح»