أبيض وأسود
ملحن القمر
أنا نجاحى كمطربة شارك فيه أيضاً محمد الموجى الذى لحن لى مجموعة أغانى رائعة.. والموجى إنسان شهم وابن بلد.. وفى وقت الشدة أجده بجانبى.. والإنسان الحقيقى هو الذى يظهر فى أوقات الشدائد.. إن فيه شهامة المصرى ووفاءه وطيبته أيضاً.
وكان فيلم لحن الوفاء أول أفلام عبد الحليم حافظ هو فرصة التعارف بينى وبين الموجى.
سمعت ألحانه الجديدة وأعجبتنى.. لكنى قلت له هذا اللحن يناسب عبد الحليم أكثر مما يناسب صوتى.. كنت صريحة جداً معه.. ولم يغضب من صراحتى.. وغنى عبد الحليم هذه الأغنية التى أعجبتنى وحققت نجاحاً كبيراً.
ثم كان اللقاء الفنى بيننا فى فيلم الهاربة مع ذلك اللحن الجميل شباكنا ستايره حرير.. ثم قدم لى الموجى لحناً ناجحاً آخر مع أغنية “التليفون” التى أدخل عليها مقطعاً من أغنية عبد الحليم كل كلمة حب حلوة قلتهالى.. ثم غنيت الأغنية التليفزيونية مين قالك تسكن فى حارتنا.
ميزة أخرى لمحمد الموجى غير الشهامة هى خفة الظل.. انه إنسان حاضر البديهة خفيف الروح أجد فى كلماته دائماً مذاق النكتة المصرية.
وهو لا يعرف الخبث والدهاء.. حدث ذات مرة أن غضبت منه.. وظل أكثر من شهر هو يلح على ويسألنى هل مازلت غاضبة منى يا شادية؟ وظل يرسل الوسطاء لكى يزيلوا سوء التفاهم الذى حدث بيننا.
ثم لحن لى الموجى أغنية بعنوان غاب القمر يا ابن عمى والتى أعجبتنى جداً فكرتها.. إنها ليست أغنية عادية مثل بقية أغنياتى بل كانت عبارة عن صورة غنائية.. وأيضاً أغنية بوست القمر.. وأطلقت عليه فى ذلك الوقت اسم ملحن القمر لأن معظم الأغانى التى لحنها لى كانت تتحدث عن القمر.
إن لحن الموجى ليس هو وحده الذى يعجبنى.. فإنسانيته أيضاً كانت تأسرنى.. انه الفنان الإنسان.. وهو الفلاح الذى لا يعجبه الحال المايل.
أتذكر مرة أنى كنت أتحدث معه فى التليفون حينما شاهدت فجأة دخاناً يتصاعد من الكنبة التى أجلس عليها.. فأنزعجت وصرخت “حريقة يا موجى”.
وانشغلنا بمحاولة إطفاء النار المشتعلة.. وتركت سماعة التليفون طبعاً دون أن أكمل حديثى معه.. وبعد عشر دقائق كان الموجى يدق جرس الباب وهو فى أشد حالات الانزعاج.. واشترك معنا فى إطفاء النار وحمل الكنبة المشتعلة وألقى بها من الشرفة حتى لا تمتد النار إلى بقية أثاث البيت.
ثم خرج ليبحث لى فى الصيدلية القريبة عن علاج لرجلى المحترقة التى أحرقتها النار دون أن أشعر.. ولم يشعر بالراحة إلا بعد أن بدأ الألم يزول مع عودتى إلى حالتى الطبيعية.
