آثار الزمن والحب في البشر

نويعة سينمائية باهرة عن الحب وتضحياته وظروفه المعاكسة بكاميرا كلينت إيستوود الذي لا مثيل له، عندما يقرر الترجل من “قسوته” ليصبح عاطفياً إلى أبعد حد. كل مسام من مسامات جلده يتنفس الرقة في هذا العمل المقتبس من بست سيلر لروبرت جيمس والر الذي بات من الكلاسيكيات الهوليوودية وسحق قلب الملايين حول العالم على مدى العقود الثلاثة الماضية. إنها حكاية فرنتشيسكا (ميريل ستريل) الأم الريفية التي كرست كل وجودها لولديها اللذين يكتشفان فصلاً مجهولاً من ماضيها عاشت فيه علاقة عابرة مع مصور فوتوغرافي (كلينت إيستوود)، واختبرت معه على مدار أيام معدودة أحاسيس لم تعشها من قبل.
هذه المغامرة شكلت فرصة لها لتهرب من حياة زوجية لم تكن تسبب لها السعادة. بنظرة متعاطفة ومتفهمة تستثمر في الحميمية، يلتقط إيستوود حكاية هذه السيدة بكامل تفاصيلها الموجعة والسعادة المؤجلة والفرصة الضائعة والخيبة المتراكمة ليقدم بورتريهاً مدهشاً عنها في نهاية المطاف. إنها حكاية محددة في الزمان ومحصورة في المكان، إلا أن إيستوود يعالجها طولاً وعمقاً، هذا فيلم عن المشاعر التي تصمد أمام امتحان الزمن، ولكنه أيضاً عن الخيارات التي لا يحسمها الواحد منا خوفاً وتعلقاً، وعلى سبيل التضحية. فما بالك إذا كانت امرأة لا تزال محاصرة باعتبارات اجتماعية وعائلية. كل هذا يقدمه إيستوود بأسلوب مقتصد ينصبه حكواتياً كبيراً يتفادى مطبات الميلودراما، وهو يروي آثار الزمن والحب في البشر

Scroll to Top