الريحاني أحد أباطرة المسرح المصري والعربي،

من الحاجات اللطيفة في تاريخ الفن المصري، أن نجيب الريحاني والذي يعد أحد أباطرة المسرح المصري والعربي، كان لا تستهويه السينما مطلقًا 😃 وكان يرى فيها أنه أمر فُرض عليه دخوله، كي يجاري زملائه الفنانين في الحداثة الفنية وقتها!!
نجيب الريحاني الذي قدم للسينما المصرية 10 أفلام، بدءًا من عام 1931 وحتى عام 1949 .. ولكن أشهرهم في الحقيقة 6 أفلام، والذين يعرضوا باستمرار على الشاشة الفضية، حيث البداية الفعلية كانت مع فيلم “سلامة في خير” عام 1937، ونهاية بالفيلم البديع “غزل البنات” عام 1949.
في الحقيقة أنا أعشق فن نجيب الريحاني، وأعده أحد أعظم الممثلين في تاريخ الفن المصري، سواء في المسرح أو السينما، وأراه أحد أفضل من قدموا كوميديا الميلودراما !! أو الكوميديا السوداء، والتي تعتمد على إنتزاع البسمة من خلال بؤس الموقف!! الكوميديا السوداء كما درج على تسميتها معظم الناس.
نجيب الريحاني يعد واحدًا من عمالقة كوميديا الموقف، وصاحب السبق في صناعة كوميديا الحوار، من خلال حضور الذهن وسرعة الرد.
من منا يستطيع أن ينسى الفيلم الرائع “سي عمر” أو “لعبة الست” أو “سلامة في خير” أو تحفته الخالدة “غزل البنات” ؟
من كام يوم كنت بتفرج على فيلم غزل البنات، هذا الفيلم الذي قام بتأليفه وإنتاجه وإخراجه الراحل أنور وجدي، وقام بالتمثيل فيه كوكبة من النجوم وقتها، قلما اجتمع بعضهم مع البعض بهذا الشكل الاستثنائي، حيث نجيب الريحاني، سليمان نجيب، عبد الوارث عسر، ليلى مراد، أنور وجدي، يوسف وهبي، محمود المليجي، فردوس محمد، موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وغيرهم.
الفيلم ده آخر فيلم قام بتصويره نجيب الريحاني، حتى ليقال أنه لم يستكمل تصوير آخر مشاهده فيه، لدرجة أن صناع الفيلم قاموا بتعديل النهاية كي تلائم وفاة الريحاني، وكان ذلك في نهاية عام 1949 وتوفى الريحاني في يونيو 1949.
الفيلم يضم 7 أغنيات كلها أغاني أيقونية Iconic .. من كلاسيكيات الفن المصري، وقام بتلحينها كلها محمد عبد الوهاب، وهو نفسه قام بغناء أغنيته البديعة بالعمل “عاشق الروح”.
الفيلم ده واخد المركز التاسع في قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، بالرغم من بساطة قصته جدًا.
لما تتفرج على الفيلم ده هتلاقي أن كل ممثل عمل دوره بشكل بديع في الحقيقة، وعلى رأسهم الريحاني، اللي كان بيتنقل من الدراما إلى الكوميديا بكل سلاسة ويسر، وكأنه يعيش حياة الإنسان المصري البسيطة على الشاشة الفضية، الأستاذ حمام معلم اللغة العربية المغلوب على أمره والمقهور والذي أحب بنت الباشا!!
في الحقيقة أنا بعشق الفيلم ده، وبالرغم من أن الفيلم مصنوع منذ 70 عام، إلا أنك لا تمل من مشاهدته، حاجة كده قطعة فنية كلاسيكية خالدة، صُنعت لتعيش أبد الدهر.
أبويا الله يرحمه كان بيحب الفيلم ده جدًا، ومن ذكرياتي عن هذا العمل أن أبويا كان بيحب أغاني الفيلم ده كلها، وخاصة أغنية عاشق الروح لمحمد عبد الوهاب، والتي لم تطبع على شرائط كاسيت وقتها، وكان يريد أن يحصل عليها مسجلة، حتى يسمعها بعد ذلك في أي وقت!!
ولما كنا في أواخر التمانينات، ولم يكن الـ “فيديو كاسيت” وقتها قد دخل إلى منزلنا بعد 😁 .. لذا فقد تفتق ذهني عن حيلة طفولية لحل الموقف، وقمت بتسجيل أغاني الفيلم عن طريق “الراديو كاسيت” 😃 .. بأن قمت بوضعه قبالة سماعة التليفزيون وسجلت بشكل مباشر على شريط صوتي، وطلبت من الحضور وقتها (العائلة) عدم الحديث، لأن صوتهم هيطلع في التسجيل !! 😁😁 .. طبعًا اللي عاش الأيام دي هيعرف كلامي ده .. وأهي ذكريات بنحكيها.
في الحقيقة المسألة ليست في عمل قديم أو حديث، بقدر ما هو شيء جيد وصنعه رواده ليعيش عقودًا ويخلد أسمائهم حتى بعد رحيلهم، وبين منتج رديء صٌنع ليحصد الغلة ويلم فلوس ويُنسى كأن لم يحيا قط .. هذا هو بيت القصيد!!
مازلت أشاهد هذا العمل، أضحك وأبكي وأتأثر كأول مرة شاهدته فيها .. وأتذكر أيامًا كنا فيها روادًا، وكان الفن المصري عظيمًا رائدًا .. وبديعًا

Scroll to Top