يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله تعالى في رواية نادرة له: «ذهبت – وأنا وزير للأوقاف وشؤون الأزهر – مع الشيخ عبد الحليم محمود رحمه الله تعالى-وكان شيخًا للأزهر آنذاك- لحضور مؤتمرٍ بلندن، وبعد يومين من المؤتمر قال لي الشيخ عبد الحليم محمود: «يا شيخ شعراوي: نريد بعد أن ننتهي من هذا المأتم، نطلع نعمل عمرة علشان نجلي أنفسنا». فقلت له: «وما الذي يمنع أن نجلي أنفسنا ونحن هنا، أليس ربنا قال عندما أراد أن يوجهنا إلى الكعبة في الصلاة: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} [البقرة: 115]»، فقال شيخ الأزهر – وهو يشير إلى حي قريب معروف في لندن بأنه حي الاستهتار والمجون-: «إننا نريد أن نجلي أنفسنا بعيدًا عن هذه المنطقة ذات الرائحة النتنة، غير الطيبة».
فقلت: «بالعكس؛ الذي يعبد الله في مثل هذه المنطقة غير الطيبة، النتنة، يشوف تجليات ربنا، ويأخذ كل فيوضات هذه المنطقة». فضحك الدكتور عبد الحليم محمود، وكانت ضحكته جميلة، وكلها وقار.
وليلتها -وعند الفجر- دق جرس تليفون غرفتي بالفندق الذي كنا قاطنين فيه، وكان المتحدث هو فضيلة الشيخ عبد الحليم محمود وقال لي فرِحًا: «يا شيخ شعراوي؛ أنا رأيت الليلة سيدَنا رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم».
فقلت له: «أنا مش قلت لفضيلتك أنه سيأتي لك هنا، وهذه فيوضات التعبد في المنطقة غير الطيبة،