فنان عبد الله محمود يعد واحدا من الفنانين الذين انتشروا وتألقوا بشدة في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين من خلال تقديم عدد من الأدوار الثانية في السينما والتليفزيون، والتي حقق من خلالها نجاحا وجماهيرية كبيرة وانتشارا واسعا في تلك الفترة، وقد شارك في أربعة أفلام تم اختيارها في قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية حسب استفتاء النقاد في سنة 1996، هي “إسكندرية ليه؟” و”حدوتة مصرية” و”سواق الاوتوبيس” و”الطوق والإسورة”، ورغم حياته القصيرة وعمره الذي لم يتجاوز 45 عاما إلا أنه ترك ذكرى طيبة في نفوس محبيه من عشاق الفن المصري بشخصياته الخالدة والنابعة من البيئة المصرية، حيث كان بأدائه الهادئ الرصين وبشرته السمراء وملامحه المصرية الأصيلة معبرا عن حال الكثيرين من المصريين البسطاء والمهمشين.
وبالفعل كان عبد الله محمود معبرا عن ملايين المصريين البسطاء في معظم أعماله إن لم يكن جميعها، حتى تكاد لا تشعر أنه يمثل، بل تحسبه يعيش أمامك حياته الخاصة بشخصيته الحقيقية، وكأن المؤلفين كانوا يقومون بتفصيل هذه الشخصيات عليه، فمثلا كان هو المجند الفلاح مصري عبد الموجود الذي حارب بدلا عن ابن العمدة واستشهد في الحرب في فيلم “المواطن مصري”، وهو عوض الكلاف الذي رافق شمس الزناتي في رحلته في فيلم “شمس الزناتي”، وهو محمد القروي الذي يعاني من إصابته بمرض بالبلهارسيا في فيلم “يا طالع النخل”، حتى وهو يجسد شخصية ضابط شرطة، كان ضابطا تبدو على ملامحه الطيبة الشديدة وتتعاطف معه رغم مطاردته للبدري أبو بدار الهواري بطل مسلسل “ذئاب الجبل”، وهو الحسيني الشاب المريض العائد إلى قرية والده في مسلسل “عصفور النار”.
ومن أشهر أفلامه “الطوق والإسورة” و”عودة مواطن” و”الأوغاد” و”إسكندرية ليه” و”الاحتياط واجب” و”حدوتة مصرية” و”سواق الأتوبيس” و”واحد كابوتشينو” و”صائد الأحلام” و”المصير” و”الطريق إلى إيلات” و”ديسكو ديسكو” و”حنفي الأبهة” و”الحريف” و”الإمبراطور” و”عفاريت الأسفلت”، وكان من أشهر مسلسلاته “الأبطال” و”الوتد” والزيني بركات” و”الفرسان” و”أيام المنيرة” و”بوابة المتولي” و”الغفران” وأبواب المدينة” و”العملاق” و”البوسطجي” و”السيرة الهلالية” و”وما زال النيل يجري” و”الطاحونة”، كما كان من أشهر المسرحيات التي شارك فيها “حضرات السادة العيال” و”قصة الحي الغربي”.
وقد ولد الفنان عبد الله محمود في يوم 6 ديسمبر سنة 1960، وبدأ مشواره الفني صغيرا مع أصدقاء عمره من الفنانين محسن محيي الدين وأحمد سلامة وغيرهما، وتزوج من السيناريست حنان البمبي، والتي التقاها ووقع في غرامها حينما كانا زميلين في المعهد العالي للفنون المسرحية، وقد عانى من المرض طويلا، وبدأت معاناته مع المرض في سنة 2003، حيث شعر في البداية بصداع شديد وبعد الفحص علم أن المرض الخبيث قد أصاب المخ، وذهب إلى مستشفى معهد ناصر بالقاهرة، حيث تم احتجازه بالمستشفى، ورغم صدمته من مرضه الشديد والمفاجئ إلا أنه كان صابرا وراضيا، كما أنه كان مداوما على زيارة الفنان أحمد زكي الذي كان مصابا بنفس المرض.
وبعد أن تدهورت حالته الصحية أوقف الأطباء الجرعات الكيماوية التي كان يعالج بها، واكتفوا بإعطائه المسكنات، كما أنهم قرروا خروجه من غرفة العناية المركزة وأن يبقى في غرفته تحت الملاحظة، حيث رأوا أنه لم يعد للعلاج فائدة كما لم يعد هناك ضرورة لبقائه في غرفة العناية المركزة بعدما تمكن المرض اللعين منه، حتى سكنت آلامه برحيله عن الدنيا في يوم 9 يونيو سنة 2005، أي بعد أقل من شهرين ونصف من وفاة الفنان أحمد زكي.